28 03 2024 1271795 بطاقة تعريف:
image
حكمة العبادات:

حكمة الصيام هي لقاء الله ومحبته

موقع إسراء الرسميّ: قال آية الله العظمى الشيخ عبدالله الجوادي الآملي في كتاب «حكمة العبادات» القيّم بخصوص تبيين فلسفة الصوم وأجر الصائم: قد ورد في بعض الروايات أنّه صوموا حتّى تفقدوا النضارة واللطافة والنشاط في غير شهر رمضان المبارك؛ لأنّ كلّ هذا نشاط كاذب وعابر، فعند ما يصوم الإنسان ويتعلّق...

موقع إسراء الرسميّ: قال آية الله العظمى الشيخ عبدالله الجوادي الآملي في كتاب «حكمة العبادات» القيّم بخصوص تبيين فلسفة الصوم وأجر الصائم: قد ورد في بعض الروايات أنّه صوموا حتّى تفقدوا النضارة واللطافة والنشاط في غير شهر رمضان المبارك؛ لأنّ كلّ هذا نشاط كاذب وعابر، فعند ما يصوم الإنسان ويتعلّق بالصوم، يدرك تدريجياً باطن الصوم، وباطن الصوم يقود الإنسان إلى لقاء الحق الذي قال الله سبحانه وتعالى عنه: «الصَّوْمُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ» [1]، وهذا التعبير قد ورد في الصوم فقط.

وقد ذكر سماحته في جزء آخر من هذا الكتاب: أنّه حيث قال الله سبحانه وتعالى: «الصوم لي» يدلّ على خصوصية قابلة للملاحظة والدقّة، وهي أنّه أحياناً يقوم الإنسان بالإمساك عن الطعام والشراب من الفجر حتّى الإفطار، وهذه هي درجة من الصوم، وهي سعيٌ أقصاه أنْ لا يحترق في القيامة أو يدخل الجنّة، الجنّة التي هي: ﴿جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ [2]؛ لكن لا يسمحون له بدخول تلك الجنّة التي قال الله سبحانه وتعالى عنها: ﴿فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي﴾ [3]؛ أي: مع أنّ الصوم له حكم وأدب خاص، إلّا أنّ له حكمة أيضاً وهي لقاء الله سبحانه وتعالى ومحبته، وهذا الحديث يخلق في الإنسان شوقاً حتّى يكون عاشقاً، والإنسان ما لم يكن مشتاقاً، لا يجتهد، وما لم يجتهد، لا يصل؛ وعند ما يكون الصوم لله سبحانه وتعالى، فهو بنفسه أيضاً تعهّد بجزاء الصائم.

وواصل سماحته مصرّحاً: أنّ من الفروق الموجودة بين الصوم وسائر العبادات هو أنّه في سائر العبادات، تأتي الملائكة لاستقبال المؤمنين عند وفاتهم، وتقول: ﴿سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ﴾ [4]؛ أي: تفتح أبواب الجنّة، وتقول: ادخلوا من أيّ باب أردتم، لكن يقول الله سبحانه وتعالى عن الصائم: أنا أجزي، وهذا ليس من أحكام الصوم وآدابه؛ ولهذا لم يرد، لا في سلسلة الأبحاث الواجبة والمستحبة التي يتولّاها الفقه، ولا في أبحاث آداب الصوم، بل من حكمة العبادة وهو كيف يصل الإنسان إلى درجة يجازيه الله سبحانه وتعالى مباشرة.

وأكّد سماحة آية الله العظمى الجوادي الآملي على أهمية الاهتمام بحكمة الصوم، وقال: إنّ أولئك الذين يصومون الصوم المستحب (مثل أولياء الله)، ويعطون نصيبهم من الإفطار للأيتام والأسرى والفقراء، في حال أنّ ﴿جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ [5] هي تحت تصرفهم، يقول الله سبحانه وتعالى لهم: ﴿فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي﴾؛ لأنّهم يصومون لغرض أسمى، أمّا الذين يصومون من أجل دخول الجنّة والاستفادة من ثمارها اللذيذة ، فإنّهم يمارسون نوعاً من التجارة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* المصدر: كتاب «حكمة العبادات» لسماحة آية الله العظمى الجوادي الآملي

[1] المجلسي الأوّل، روضة المتقين، ج 3، ص 225 ـ 226، وقد قرأ البعض كلمة: «أجزي» في هذه الرواية بصيغة المجهول ومعناه أنّ الصوم لي وأنا جزاؤه! (وأنظر: ابن الأثير، النهاية في غريب الحديث والأثر: ج 1، ص 270، مادة «جزا»).

[2] سورة آل عمران (3): الآية 15.

[3] سورة الفجر (89): الآية 29 ـ 30.

[4] سورة الزمر (39): الآية 73، وراجع حول روايات البرزخ: الحويزي، نور الثقلين: ج 4، ص 506 ـ 507؛ المجلسي، بحار الأنوار: ج 6، ص 139؛ الفيض الكاشاني، علم اليقين: ج 2، ص 1060.

[5] سورة البقرة (2): الآية 25.


دیدگاه شما درباره این مطلب
أضف تعليقات