27 01 2024 1049929 بطاقة تعريف:
image
خاص بوفاة السيدة زينب الکبری (سلام الله عليها):

ضرورة إعادة التعرّف على شخصيّة السيّدة زينب الكبرى (سلام الله عليها) / سرّ اشتهار السيّدة زينب الكبرى (سلام الله عليها) بلقب عقيلة بني هاشم

موقع إسراء الرسميّ: في ذكرى وفاة عقيلة بني هاشم زينب الكبرى (سلام الله عليها)، إعادة التعرّف على شخصيّة تلك السيّدة الشامخة وتحليل الأبعاد الفريدة للسيّدة زينب (سلام الله عليها)، هو أمر ضروري لأفراد المجتمع الإسلامي، وخاصّة النساء؛ لذلك، يتمّ في هذه المرقومة تقديم بعض أهم الأبعاد والمميّزات...

موقع إسراء الرسميّ: في ذكرى وفاة عقيلة بني هاشم زينب الكبرى (سلام الله عليها)، إعادة التعرّف على شخصيّة تلك السيّدة الشامخة وتحليل الأبعاد الفريدة للسيّدة زينب (سلام الله عليها)، هو أمر ضروري لأفراد المجتمع الإسلامي، وخاصّة النساء؛ لذلك، يتمّ في هذه المرقومة تقديم بعض أهم الأبعاد والمميّزات الوجوديّة لتلك السيّدة (سلام الله عليها) بالإستفادة من أفكار ورؤى سماحة آية الله العظمى الجوادي الآملي القيّمة.

سرّ اشتهار السيّدة زينب الكبرى (سلام الله عليها) بلقب عقيلة بني هاشم

من البديهي أنّ الحاجة إلى تبيين مقام ومكانة هذه السيّدة العظيمة في الإسلام كحافظ ومقوّم ملحمة كربلاء، أمر لا يمكن إنكاره، ولذا قال المفسّر الكبير للقرآن الكريم سماحة آية الله العظمى الجوادي الآملي، في تبيين ماهيّة شخصيّة عقيلة بني هاشم وفلسفة اشتهار تلك السيّدة بعقيلة بني هاشم: في باب سرّ اشتهار تلك السيّدة بعقيلة بني هاشم، ينبغي أنْ يقال: فبعضٌ ليسوا بعقلاء ويبحثون عن تحصيل العقل؛ وبعضٌ هم عقلاء والعقل بالنسبة لهم حالي، أي: أنّه ليس وصفاً دائماً وطويل الأمد، [بل] أحياناً يكون وأحياناً لا يكون؛ وبعضٌ عقلاء والعقل بالنسبة لهم هو وصف المَلَكة؛ وبعضٌ عقلاء والعقل عندهم بمنزلة الفصل المقوّم.

والذين عندهم العقل بمنزلة الفصل المقوّم، فهُم بتمام معنى الكلمة «عقيلة»؛ إذاً الحسين بن علي (سلام الله عليه) هو «عقيلة بني هاشم»، وزينب الكبرى (سلام الله عليها) هي «عقيلة بني هاشم»؛ وهذه «التاء» هي «تاء» المبالغة وليست بـ «تاء» التأنيث؛ فعند ما يقولون: إنّ الإنسان هو خليفة الله فهو كذلك؛ فآدم هو خليفة الله وليس بخليف الله، لماذا؟ لأنّ هذه «التاء» هي «تاء» المبالغة، كما نقول: فلانٌ هو علامة؛ لذا، فإنّ الحسين بن علي (سلام الله عليه) هو «عقيلة بني هاشم»، والسيّدة زينب الكبرى (سلام الله عليها) أيضاً هي كذلك [أي: «عقيلة بني هاشم»]؛ فالعقل بالنسبة لهما بمنزلة الفصل المقوّم، وإذا كان العقل فصلاً مقوّماً لشخص ما، فإنّ الكمالات ستنبع منه؛ وهي خاضعة له، لا مهيمنة عليه؛ وهناك مَنْ يحفظه الكمال، [لكن] بعض الناس يحافظون على الكمال؛ لم يقل الله سبحانه وتعالى عن الرسول الأكرم (علیه و على آله آلاف التحیة والثناء): «إنّ لديك خُلق عظيم» أو «إنّك متخلّق بخُلق عظيم»، بل قال: ﴿إِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [1] لأنّ النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) كان مُهيمناً على العدل والفضيلة؛ فبعض الناس يسعون لكي لا تتركهم الفضيلة، وبعض الناس يسعون للحفاظ على الفضيلة، وإذا على الذات وأصبح خليفة الله واستنار، فمن ذاته المستنير ينشأ خُلق عظيم؛ قال تعالى: ﴿إِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ أي: أنّك مُهيمن على الخُلق، والخُلق تحت تصرّفك، ولا يعني ذلك أنّك تريد أنْ تصبح كاملاً بالأخلاق، بل كمال الأخلاق هو أنّه ينبع منك؛ وقد قال القرآن الكريم عن بعض الناس: ﴿فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ﴾ [2] هذه الآية تعني أولئك الذين يتحرّكون بالنور مثل الأشخاص العاديّين الذين يتحرّكون بالمصباح؛ لكن بعض الأشخاص منوّرین وأينما كانوا يوجد النور، وبالنسبة لمثل هؤلاء الأشخاص فإنّ تعبير القرآن الكريم هكذا: ﴿فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ﴾ وهو أنّ النور تحت أقدامهم؛ فالنور مركب هؤلاء ومرکوبهم، وهؤلاء راكبون على النور.

الشمس تهيمن على النور وهي راكبة عليه، لا أنّ النور راكب على الشمس، والشمس خُلقت «على نورٍ»؛ لأنّ النور من الشمس ولكن فضاء النهار وهذا الزمان مضيئ بالنور، والزمان نفسه ليس له نور ويأخذ النور من الشمس، لكن الشمس نفسها خُلقت «على نور من ربّها».

وعقيلة بني هاشم هی مهیمنة على العقل والعقل تحت تصرّفها، وإنّها قوّية لدرجة أنّ العلم والعقل بمعنى «مَا عُبِدَ بِهِ‏ الرَّحْمَن‏» [3] خاضع لها؛ فلذا، إذا وصل شخص ما ـ إنْ شاء الله ـ إلى درجة يكون فيه عاقلاً أوّلاً، ومن ثمّ يصبح عقيلاً، ثمّ يصبح عقيلة، فهو قد يكون مصداقاً لـ ﴿فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ﴾ [4]. فأوّلاً، يجب على الشخص أنْ يسعى أنْ يصبح عاقلاً، والعاقل هو اسم الفاعل؛ ومن ثمّ ينبغي أنْ يصبح عقيلاً، وهو «صفة مشبهة» ويدلّ على الثبات والاستقرار؛ وبعد ذلك يأتي دور الحصول على «العقيلة»، و«التاء» في العقيلة هي «تاء» المبالغة؛ فزينب الكبرى والحسين بن علي (سلام الله عليهما) هما كانا عقيلة بني هاشم، ونحن إذا أردنا التحدّث عن العقل، يجب علينا تقييم سيرة هؤلاء الذوات القدسيّة، وسنّتهم، وسريرتهم، والتعرّف عليهم، وقبولهم، والعمل بأقوالهم، ونقلها للآخرين.

حياة النهضة الحسينيّة مرهونة بالشجاعة الزينبيّة

من أهم خصوصيات السيّدة زينب الكبرى (سلام الله عليها)، يمكننا أنْ نشير إلى دور تلك السيّدة الرئيسي في نقل تعاليم كربلاء إلى الأجيال القادمة، والحفاظ على هذه النهضة وصيانتها؛ فلذا، قال سماحة آية الله العظمى الشيخ عبدالله الجوادي الآملي في هذا الصدد: هل كلام السيّدة زينب الكبرى (سلام الله عليها): «نحیی معه ونموت معه» خاص بالماضي؟ فلذا، لا ينبغي أنْ نحصر دور السيّدة زينب (سلام الله عليها) بما بعد أحداث عاشوراء فقط، ولا يتخيّل أحد أنّ قسم المصيبة والأسر متعلق بالسيّدة زينب (سلام الله عليها)؛ لأنّه بعد وصول كتاب والي المدينة المنوّرة إلى الإمام الحسين (سلام الله عليه) في طريق مكّة إلى كربلاء، وبعد تقديم هذا الاقتراح فيه بأنْ ارسل نساء وأطفال هذه القافلة إلى المدينة المنوّرة، زأرت السيّدة زينب الكبرى (سلام الله عليها) التي كانت وراء الحريم كالأسد، وقالت: ما هذا الاقتراح؟ «نحیی معه ونموت معه»؛ فلذا، إنّ سيرة السيّدة زينب الكبرى (سلام الله عليها) هي كسيرة قمر بني هاشم (سلام الله عليه)، وهذه السيّدة هي مثل علي الأكبر (سلام الله عليه)، ولا يتخيّل أحد أنّ دور السيّدة زينب (سلام الله عليها) هو من عصر عاشوراء وما بعده فقط؛ لا، بل النهضة الحسينيّة من صدرها إلى ذيلها، قد أسست من قِبَل الإمام الحسين (سلام الله عليه) والسيّدة زينب الكبرى (سلام الله عليها).

السيّدة زينب (سلام الله عليها) هي المظهر الحقيقي للکلام والخطاب العلوي

من البديهي أنّه من أجل التعرّف الحقيقي والعميق على [شخصيّة] السيّدة زينب (سلام الله عليها)، ينبغي فحص وتحليل كلمات تلك السيّدة (سلام الله عليها) في فترات تاريخية مختلفة، ولكن يجب أنْ تكون خطبها الملتهبة في الكوفة والشام محل اهتمام كإحدى المميزات الرئيسيّة لمقامها الشامخ في صيانة الإسلام النبوي والسيرة العلويّة؛ فلذا، قال سماحة آية الله العظمى الجوادي الآملي في تبيين هذه المسألة هكذا: وما يقولون: إنّ السيّدة زينب (سلام الله عليها) كانت تتكلّم مثل أميرالمؤمنين (سلام الله عليه)، ليس هذا فقط في الفصاحة والبلاغة اللسانيّة، بل كانت كذلك في محتواها؛ ولذا نفس عبارة: «ومَا لِلطُّلَقَاءِ وأَبْنَاءِ الطُّلَقَاءِ» [5] التي جاءت في كتاب أميرالمؤمنين (سلام الله عليه) الرسمي إلى معاوية، قد جرت على لسان السيّدة زينب (سلام الله عليها) في الشام بخطابها ليزيد، حيث قالت (سلام الله عليها): «أَمِنَ الْعَدْلِ يَابنَ الطُّلَقَاءِ»! [6] يعني أنتم طلقائنا، ولقد كنتم عبيدنا وقد حررناكم؛ فلذا، هذه هي السيّدة زينب الكبرى (سلام الله عليها) التي كانت تتكلّم وتخطب مثل أبيها أميرالمؤمنين (سلام الله عليه).

مقام السيّدة زينب (سلام الله عليها) العرفاني

وقد عبّر آية الله العظمى الجوادي الآملي في شرحه لعبارة السيّدة زينب (سلام الله عليها) الشهيرة: «مَا رَأَيْتُ إِلَّا جَمِيلاً» [7]، عن أحد أهم الأبعاد والخصائص العرفانیّة لتلك السيّدة (سلام الله عليها)، وقال: إنّ عبارة السيّدة زينب (سلام الله عليها) هذه، في الكوفة، وأمام سخريات ابن زياد اللادغة، هي على أساس التوحيد الأفعالي؛ لأنّ تلك السيّدة (سلام الله عليها) لم تقل أمام وقاحة ابن زياد: «أَصبر»، أو تقول: «رأيت جميلاً»، بل حصرت تلك السيّدة جوابها، وقالت: «ما رأيت إلّا جميلاً»، يعني أنّنا لم نر شيئاً سوى الجميل، وهذه العبارة من شخص قال عنه الإمام السجاد (سلام الله عليه) كإمام عصره وحجة الله على الأرض: «أنتِ بِحَمدِ الله‏ِ عالِمَةٌ غَيرُ مُعَلَّمَةٍ، فَهِمَةٌ غَيرُ مُفهَّمَةٍ» [8]؛ وهذا الكلام من الإمام السجاد (سلام الله عليه) يجب أنْ يُعتبر نوعاً ما شهادة على عصمة تلك السيّدة (سلام الله عليها) وولايتها.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] سورة القلم (68): الآية 4.

[2] سورة الزمر (39): الآية 22.

[3] الكليني، الكافي (ط ـ الإسلامية):  ج 1، ص 11، ح 3.

[4] سورة الزمر (39): الآية 22.

[5] نهج البلاغة، الكتاب رقم 28.

 [6] المجلسي، بحارالأنوار (ط ـ بيروت): ج  45، ص 134.

 [7] المجلسي، بحارالأنوار (ط ـ بيروت): ج 45، ص 116.

[8] المجلسي، بحار الأنوار (ط ـ بيروت):  ج 45 ، ص 164، ح 7.

​​​​​​​


دیدگاه شما درباره این مطلب
أضف تعليقات