22 04 2017 276086 ID:
image
في لقاء مع باحثي مركز الثقافة ومعارف القرآن التابع لمكتب التبليغات الاسلامية:

القرآن كتاب استطاع أن يحفظ أصل الدين في العالم

مؤسسة الإسراء الدولية: قال الاستاذ: نسأل الله أن يجعل كل خطوة خطوتموها، وكل فكرة كتبتموها، مشمول للآية الكريمة( ونكتب ما قدمو وآثارهم). وستكون كتاباتكم ان شاء الله من المكتوبات التي أقسم الله بها؛

اذا أقسم الله بالقلم ومسطوراته > والقلم ومايسطرون<، فإن من البديهي أن يكون له اهتمام خاص بكاتبي هذه السطور. لقد بذلتم جهداً كبيراً وأنتجتم أعمالا قرآنية كثيرة، وهذا العمل تؤجرون عليه.
جعل الله سبحان وتعالى القسم بالقلم مقدمة للقسم بالسطور؛ والا فإن القسم بالقلم لا ثمرة فيه، قال > والقلم وما يسطرون<، فاذا كانت المسطورات والمكتوبات مورداً للقسم الالهي، فستكون مؤثرة يقيناً.
وفي تبيين وجه التمايز بين القرآن وسائر الكتب السماوية، قال آية الله جوادي آملي:
القرآن كتاب استطاع ان يحفظ أصل الدين في العالم، الكلمة التي قالها المرحوم كاشف الغطاء في كتابه الشريف " كشف الغطاء "، الذي يصفه صاحب الجواهر: بأني لم ار فقيهاً مثله في حدة ذكائه وتوقد ذهنه، يقول كاشف الغطاء: لولا القرآن لما بقي دين في العالم؛ لأن اليهودية المحرفة والمسيحية المحرفة، انزلتا الله الى الارض يصارع يعقوب، أو يصارع النبي الفلاني، أو يشرب الخمر مع النبي الفلاني والعياذ بالله، وهذا ليس ديناً، ولا يصمد مع تقدم العلوم.
لكن القرآن جاء ونعت مريم بأنها عذراء، وتعامل مع التوراة والانجيل على انهما كتابان سماويان، طهّر الانبياء وقدسهم، قدّس مريم وعيسى وموسى والملائكة؛ وهذا ما حفظ الدين. فكلام المرحوم كاشف الغطاء يشير الى ان الانجيل والتوراة ليس فيهما قابلية البقاء مع تقدّم العلم، فتلك الاوصاف والنعوت التي نسبوها لعيسى من شربه للخمر ومن اتهامهم لمريم والصاق التهم بعيسى تجعل منهما كنابين للخرافات والكذب، أمّا القرآن فهو ليس كتابنا نحن كمسلمين فحسب وانما هو كتاب عالمي.
قال المفسر الكبير حول عظمة القرآن:
على الرغم ممّا ذكرتموه من رجوع جميع هذه الفروع الى التفسير –  ترتيبي كان ام موضوعي  أم كان لاصناف مختلفة – الا انه لايمكن أن نتعاطى مع القرآن كما نتعاطى مع الكتب الاخرى العقلية منها والنقلية، فالقرآن ليس كمصَنف الصدوق أو ابن سينا أو الخواجه نصير الدين الطوسي. نحن نستطيع فهم كلام هولاء العلماء من طريقين: السباق والسياق، والسباق هو التبادر وهو انسباق المعنى الى الذهن، والسياق مرتبط ببنية النص،  فلو اردنا فهم نص من نصوص كتبهم فان السبيل الى ذلك يتضمن في اتباع هذين الطريقين، وليس القرآن كذلك، فالقرآن ليس مؤلفا ولا مصنفاً ، وليس من تأليف كاتب ولاتسطير مؤلف. يتحدث أمير المؤمنين عليه السلام عن القرآن بما فيه تشجيع للباحثين في حقل الدراسات القرآنية، فيقول > فتجلى لهم سبحانه في كتابه من غير ان يكونوا رأوه < ، وانتم تعلمون أن التجلي في المقام الثالث يشكل منطقة فراغ في العرفان، فمنطقة الذات منطقة ممنوعة ، وكذلك الصفات التي هي عين الذات فهي ممنوعة ولا سبيل لاحد اليها، وكما يُعبر سيدنا الاستاذ الامام( رضوان الله عليه) : ان الانبياء لا سبيل لهم الى هذا المقام، فما بالك بالافراد العاديين، فالممنوع ممنوع؛ لان الذات حقيقة بسيطة ولا متناهية، الله عز وجل بسيط محض وليس له جزء بأي صورة، لا يقبل التجزئة والتركيب، وهكذا شيء لا يمكن الوصول الى حقيقة ذاته، فإما يمكن معرفة جميع ذاته او لا ، ومعرفة الجميع امر محال، اذن لا يمكن معرفة شيء من تلك الذات، وليس من الصحيح أن يقول احد أني اعرف الله بمقدار حجمي، فإنه تعالى غير قابل لان يوصف بالحجم ، وعليه تبقى هذه المنطقة كما عبّر الامام (قد)، ممتنعة ذاتاً، وليست معهودة ولا معقولة ولا مقصودة لنبي وغير نبي.
نحن حينما نتحدث مع الناس نقرأ لهم هذا الشعر:
اذا لم تستطع شرب ماء البحر     فلا بدّ أن تغترف بمقدار عطشك
وهذا المثال يختلف عن الممثل عنه، لان البحر مركب، له ساحل وسطح وعمق ونحن نغترف من ساحله لنشرب، الا إن الكلام في الحقيقة البسيطة التي اولها عين آخرها، وظاهرها ذات باطنها، وسطحها عين عمقها، فاما ان تدرك جميعها او لا تدرك؛ وحينئذ لا سبيل لاحد الى ذات الاله الاقدس، مثل الشمس التي نتصور اننا نراها في حين يقول المختصون بأنه لا يمكن رؤية الشمس، عندما يحصل الكسوف للشمس فان النظر الى الشمس بالعين المجردة يسبب الضرر وقد يؤدي الى العمى، فطلوع الشمس دليل على الشمس وحجاب للشمس، فانت بنفسك حجاب لنفسك، سواء بالنسبة لله أو الخلق، اذن جميع البحوث المرتبطة بالتجلي في الفصل الثالث، والفصل الثالث يعني فعل، ووجه وظهور الله
وفي اشارته الى كلام امير المؤمنين النوراني، تابع صاحب تفسير تسنيم الثمين:
كلام امير المؤمنين(ع)، هو أن الله تجلى في كتابه، فعليكم ان تشهدوا ذلك، فاذا لم تروا الله فلستم بمفسرين ( فتجلى لهم سبحانه في كتابه من غير أن يكونوا رأوه )، وعليه فينبغي أن لا نتوهم ان القرآن مثل كتاب المكاسب أو الكفاية أو انه اصعب قليلاً منهما، فأن هولاء مؤلفون ومصنفون يتعاملون مع اللفظ والمفهوم، فاذا كان الله تقدست اسمائه في كتاب تكوينه ( داخل في الاشياء لا بالممازجة )، فإنه في الكتاب التشريعي كذلك ( داخل في كل آية لا بالممازجة )، فالامير(ع) يريد ان يقول: حتى يكون الانسان مفسراً يجب عليه أن يرى المتكلم في كلامه، كيف يمكن أن يقرأ الشخص قوله تعالى( قل للمؤمنين يغضوا من ابصارهم)، ويذكرها على المنبر وفي التفسير، ثمّ يذهب لينظر الى غير المحارم، فهل يجوز ذلك؟ هذا إن دلّ على شيء انما يدل على انه لم ير المتكلم
قال تعالى إن فعلتم كذا وكذا فأنتم > أكالون للسحت< ، والسحت يُقال للشيء الذي يُقشر جلده، فاذا قُشر جلد الشجرة فلا يبقى منها شيء، ويُطلق على المال الحرام؛ لانه يستأصل الانسان > فيسحتكم <، فاذا كان المال الحرام ينزع الجلود ويقضي على الانسان، فلماذا يقرأ الانسان هذه الآية ويفسرها، ومع ذلك يتعاطى الرشوة بكل سراً وعلناً؟ وهذا انما يدل على أنه لم ير المتكلم، نعم القرآن الفاظ ومفاهيم لكن هذه الالفاظ لا تحل المعضلة، وما قرأوه ليس بقرآن.
قال الامام(ع): لا بد أن تروا المتكلم، وهو الذي تجلى في قوله( فتجلى لهم سبحانه في كتابه من دون أن يكونوا رأوه)، عندها تكون له القدرة على أصلاح المجتمع، وحفظ الدين، وتوعية جميع الطبقات الاجتماعية، وهل يهدأ من ذاق فيض المتكلم في نفسه، وأدرك مقاصده؟ نعم نحن نتعامل مع هكذا كتاب.
الله عز شأنه أنزل القرآن، لكن لا بالكيفية التي أنزل فيها المطر، فالقرآن معلق، فطرف الحبل بيد الله والطرف الآخر بأيدينا.
ان قلنا أن > انزلناه < الراجعة الى القرآن نظير > انزلنا المطر<، فيكون المعنى القينا القرآن على الارض، لكن > انزلنا < الراجعة للقرآن نظير > انزلنا < حبلاً متيناً، طرفه بيد الله وطرفه الآخر بأيدينا، اذن فنحن نتعاطى مع القرآن؛ ويجب ان نرى أن الطرف الآخر بيده سبحانه وتعالى؛ ويترتب على ذلك وجوب الحفاظ على قداسته، تخيلوا رسالة طرفها الاول بيد المولى والآخر بيد العبد، كيف نحافظ على هذه الرسالة؟ اذا كان هذا الانزال كانزال المطر فلا يكون تجلياً بل تجافياً، والفرق الجوهري بين التجلي والتجافي هو ان التجافي يعني ان قطرة المطر لوكانت في الاعلى فهي ليست في الاسفل، واذا جاءت الى الاسفل فلا تكون في الاعلى، الا إن التجلي هو أن يكون المتجلي محفوظاً في الاعلى والوسط والاسفل، جاء في سورة الزخرف المباركة > انا جعلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون * وانه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم<، بمعنى ان أحد طرفيه علي حكيم والطرف الآخر عربي مبين، فاذا لم ينته بنا عربي مبين الى علي حكيم، فلا ثمرة ولا فائدة؛ ولهذا فإننا في رحاب كتاب، أحد طرفيه علي حكيم وطرفه الآخر عربي مبين، واذا اردنا ان نبحث في القرآن الكريم، فيجب ان نضع قول الامام الباقر عليه السلام نصب أعيننا، اذ قال لقتادة: بلغني أنك تفتي فقال: نعم، فقال له الامام (ع) : > كيف تفتي بكتاب الله ولست من ورثه <، نعم قد يكون لدى قتادة علم الدراسة لكن علم الوراثة لم يكن من نصيبه، تأملوا في ان أغلب ما نقله المرحوم امين الاسلام في مجمع البيان نقله مرسلاً عن قتادة ومجاهد، ونقلها قبله المرحوم الشيخ الطوسي في التبيان مع اسنادها، ، وهذا الطبري الذين يعبرون عنه بإمام المفسرين ينقل عن فلان عن فلان عن قتادة، فكل هذه الاسناد التي تنتهي الى قتادة في تفسير التبيان، وبعدة أمين الاسلام بالرغم من طول المدة التي تفصلهما، ومع كون قتادة المفسر الرسمي في الكوفة آنذاك، يقول له الامام الباقر(ع): انك لم ترث حرفاً واحداً من القران، نعم لدينا الكثير من علم الدراسة فكل واحد منا انهى عشرين او ثلاثين سنة من الدراسة، لكن اين نحن من من علم الوراثة؟ اذا اراد شخص ان يكون مصداقاً " للعلماء" في قوله > العلماء ورثة الانبياء < فلا بدّ ان تكون له علاقة مع الانبياء، والفرق الجوهري بين وراثة المال ووراثة العلم هو انه في وراثة المال لن يصل الى الوارث شيء حتى يموت المورث، لكن في وراثة العلم لن يصل من المورث شيء حتى يموت الوارث، وهو معنى قوله " موتوا قبل أن تموتوا " ، هذه وراثة الانبياء ليست كوراثة المال تتحقق بمجرد موت المورث، فمالم يتحقق " موتوا قبل ان تموتوا " فلن يصل الى الانسان شيء؛ ولذا فان الشخص الذي يريد ان يرى نفسه وفكره، ينتظر متى تطبع كتبه؟ وكيف يذكر اسمه؟ وكيف يُثنى عليه؟ هذه تبعات علم الدراسة، ومثل هذا الشخص يتحدث بالقرأن لكن فكره مشغول بالمكاسب والرسائل، يتصور ان هذا الكتاب العظيم ككتاب المكاسب
من أجل ذلك، نحن أمام كتاب مرتبته الادنى عربي مبين، ومرتبته العليا علي حكيم، طرفه الاول بيد علي حكيم، وعربي مبين بايدينا، وهو نظير الحديث المعروف > اني تارك فيكم الثقلين، كتاب الله حبل ممدود من السماء الى الارض.....< أي طرفه بيد الله وطرفه الاخر بايديكم، ولان طرفه بيد الله فهو حبل متين > واعتصموا بحبل الله جميعاً < فاذا تركنا هذا الحبل، فاذا تركناه واعتصمنا بحبال اخرى ملقاة على الارض فلن ينفع ذلك شيء، بل الحبل الذي يحل المعضلة ذلك الحبل الذي يكون معقوداً من الاعلى، فاختاروا انتم بأي حبل تتمسكون؟ هل تتمسكون بالحبل المنقطع الارتباط عن الله؟ أم بالكتاب الحبل الممدود من السماء الى الارض؟ اذن ما لم يرتبط الحبل بالاعلى فكيف يكون نافعاً ؟ فقد اصبح " بحبل الله " لان طرفه الاعلى بيد علي حكيم، اذن تمسك بهذا الحبل واصعد الى الاعلى، وعلى اساس هذا قيل > اقرأ وارقى < ، وعلى اساسه ايضا قال تعالى > واعتصموا بحبل الله < ، واذا قيل ان القرآن لا حدّ له فعلى اساس ذلك، والا فان هذه الالفاظ والمفاهيم محدودة ، وعندما يحصل الاعتصام والتمسك بهذا الحبل حينئذ يمكن تحقيق النظام للناس وللعالم، وتحقيق الصحوة في الشرق الاوسط.
لاحظوا، لو اراد الانسان لمس كلمات هذا الكتاب، افرضوا  اراد تقبيل كلمة " كلب " في قوله > وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد < بدون وضوء فانه ارتكب أمراً حراماً، وليس أمراً عبثياً بل القرآن كتاب ليس ككل كتاب، وحرمة المس بدون وضوء تشمل باقي الكلمات مثل الخمر وفرعون، وحتى كلمة نجس في قوله > انما المشركون نجس <.
 لخص آية الله جوادي آملي في نهاية حديثه، المطالب التي طرحها بقوله:
نحن أولا يجب ان نعي وندرك اننا امام أي كتاب؟ ورحم الله سيدنا الاستاذ المرحوم العلامة الطباطبائي اذ يقول هذا كتاب الميزان قد انتهينا منه لكن لن تمر سنتان او ثلاث او اربع سنوات حت نحتاج الى اكثر من ميزان، المسألة لا تقف عند حد معين، وكيف تقف، والطريق الى علي حكيم طويل جداً؟
ان التجلي الذي ذكره أمير المؤمنين(ع) ليس كالتجلي في قوله > فلما تجلى ربه للجبل < ، حصل مرة وانقضى، بل هو تجلي دائم ومستمر، فاذا تجلى دائما يجب على الانسان ان ينظر الى هذا الكتاب على انه مظهر الحق، ففي ذاك الوقت الذي يكون قد طهّر نفسه، وشكر الله فسيكون في رحاب كتاب الله، والا فسيكون بالنسبة له كتاباً عادياً . وقد يكون نسيا منسيا قبل ان يموت الانسان، انتم رأيتم ان البعض كتب كتاباً، وكتب تفسيراً ايضا، وقد نسي كتابه قبل ان يموت؛ لان الله قال > اذكروني اذكركم <، فمن كان منسيا لله كان منسيا للجميع، والان وببركة دماء الشهداء الطاهرة، فتح هذا الطريق وهو ان الانسان يعتصم بكتاب الله، وان يقرأ ويرقى وان يكون مظهر الحق، وعندها سوف يذوق اللذة في كل مرحلة، والدين حي بالقرآن.


دیدگاه شما درباره این مطلب
0 Comments