12 03 2024 1271807 بطاقة تعريف:
image
حكمة العبادات:

أفضل طريق للكون عند الله تعالى هو الصوم

موقع إسراء الرسميّ: قال آية الله العظمى الشيخ عبدالله الجوادي الآملي في كتاب «حكمة العبادات» القيّم بخصوص باطن الصوم: الصوم هو لكي يبلغ الإنسان التقوى: ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [1]، والإنسان المتقي له درجتان: الأُولى هي الجنّة التي فيها نعم كثيرة: ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ﴾ [2]،...

موقع إسراء الرسميّ: قال آية الله العظمى الشيخ عبدالله الجوادي الآملي في كتاب «حكمة العبادات» القيّم بخصوص باطن الصوم: الصوم هو لكي يبلغ الإنسان التقوى: ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [1]، والإنسان المتقي له درجتان: الأُولى هي الجنّة التي فيها نعم كثيرة: ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ﴾ [2]، وكلّ هذه للّذائذ الظاهريّة؛ والدرجة الثانية هي الكون عند الله سبحانه وتعالى: ﴿فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ﴾ [3]، وفي هذه المرحلة لم يعد هناك حديث عن التفاح والكمثرى؛ لأنّ الجنّة والنهر هما مأكولات ومشروبات لجسم المتقي وبدنه، ولكن لقاء الحقّ سبحانه وتعالى هو لروحه، وهذا هو سرّ الصوم وباطنه.

وتابع سماحته في ضمن الإشارة إلى حديث الإمام جعفر بن محمّد الصادق (سلام الله عليه) قائلاً: انّ الإمام الصادق (سلام الله عليه) قال: «للصائم فرحتان، فرحة عند إفطاره وفرحة عند لقاء الله» [4]، وقال في موضع آخر: «للصائم فرحتان، حين يفطر وحين يلقى ربّه عزّ وجلّ» [5]، فالصائم في بعض الأدعية يطلب من الله سبحانه وتعالى الجمال التام: «اللّهم إنّي أسألك من جمالك بأجمله وكلّ جمالك جميل» [6]، ومن المؤسف أنْ يعلّق الإنسان قلبه على نفسه، وعلى أيّ شيء آخر غير الله سبحانه وتعالى، وعلى كلّ ما هو متغيّر؛ لأنّ كلّ شيء ما عدا الله سبحانه وتعالى هو في معرض الفساد والتغيير، ولا يمكن أنْ يكون جزاءاً للإنسان؛ وجزاء الصائم هو لقاء الحقّ سبحانه وتعالى.

وأشار سماحته إلى مقاطع من دعاء السحر، وتابع قائلاً: لقد قيل لنا: اقرءوا الجمال المطلق في أسحار شهر رمضان المبارك، يا لها من مكانة عالية ميسورة للإنسان أنْ قيل لنا: قولوا: «اللّهم إنّي أسألك من نورك بأنْوره وكلّ نورك نيّر»، ولقد علّمونا هذه الأدعية في شهر رمضان المبارك؛ لأنّ الإنسان الصائم يستحق أنْ يقول مثل هذا الكلام، ويستطيع أنْ يقول هذا الفم: «اللّهم إنّي أسألك من جلالك بأجلّه وكلّ جلالك جليل» [7]، وليس الحديث عن الحور والغلمان، والتفاح والكمثرى، والجنّات والأنهار؛ بل الحديث عن الكمالات المعنويّة، وهذه المكانة هي موجودة للإنسان، فلو لم تكن هذه المكانات موجودة لنا، لما أمرونا بقراءة هذه الأدعية؛ فلهذا من الممكن الوصول إلى هذه المكانة.

وببيان من سماحة آية الله العظمى الجوادي الآملي عن حديث الإمام الكاظم (سلام الله عليه) في القيمة الحقيقية للإنسان، قال: روى المرحوم الكليني رواية لطيفة عن الإمام السابع موسى بن جعفر (سلام الله عليه) أنّه قال: «إنّ أبدانكم ليس لها ثمن إلاّ الجنّة، فلا تبيعوها بغيرها» [8]؛ أي: أنّ أبدانكم تساوي الجنّة، فلا تبيعها بغير الجنّة، لأنّكم ستخسرون؛ ويقول المرحوم المحقق الداماد: هذا الرواية تدلّ على أنّ روحكم أعلى من الجنّة، ويجب أنْ تعطوا الروح لـ «جنّة اللقاء»، وينبغي أنْ تصل روحكم إلى ﴿عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ﴾ وأفضل طريق للكون عند الله تعالى هو الصوم [9]؛ فباطن الصوم يظهر في صورة لقاء الله سبحانه وتعالى، وبالنسبة للإنسان لا تفرض همّة أعلى من لقاء الحقّ سبحانه وتعالى، لأنّ الإنسان موجود أبدي ولا يهلك أبداً، بل ينتقل في النهاية من عالم إلى آخر، وإذا أُعطي باطن الصوم، فهو دائماً يكون في حضرة الحقّ سبحانه وتعالى.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* المصدر: كتاب «حكمة العبادات» لسماحة آية الله العظمى الجوادي الآملي

[1] سورة البقرة (29): الآية 183.

[2] سورة القمر (54): الآية 54.

[3] سورة القمر (54): الآية 55.

[4] الحر العاملي، وسائل‏ الشيعة (ط ـ آل البيت عليهم السلام): ج 10، ص 403، ح 13698.

[5] المجلسي الأوّل، روضة المتقين: ج 3، ص 226؛ الحر العاملي، وسائل‏ الشيعة (ط ـ آل البيت عليهم السلام): ج 10، ص 400، ح 13688 (عن أبي جعفر عليه السلام).

[6] الشيخ عباس القمي، مفاتيح الجنان، دعاء السحر.

[7] نفس المصدر.

[8] الكليني، الكافي (ط ـ الإسلامية): ج 1، ص 19، ح 12.

[9] جعل (عليه ‏السلام) الجنّة ثمن البدن، إشارة إلى أنّ ثمن جوهر النفس المجرّدة هو الله سبحانه فكأنّه (عليه ‏السلام) قال: أما إنّ أبدانكم ثمنها الجنّة فلا تبيعوها وأمّا نفوسكم المجرّدة وأرواحكم القدسيّة فإنّما ثمنها هو الله سبحانه والفناء المطلق فيه وفي مشاهدة نور وجهه الكريم فلا تبيعوها بغيره» (تعليقة السيد الداماد على أصول الكافي: ص 38).


دیدگاه شما درباره این مطلب
أضف تعليقات