12 03 2024 1252868 بطاقة تعريف:
image
حكمة العبادات

التأكيد على التخلّق بالأخلاق الإلهيّة في شهر رمضان المبارك

موقع إسراء الرسميّ: قال آية الله العظمى الشيخ عبدالله الجوادي الآملي في كتاب «حكمة العبادات» القيّم بخصوص عظمة شهر رمضان المبارك: ما لم يخطوا الإنسان مقدمات عدّة، فلن يتمكن من بلوغ عظمة شهر رمضان المبارك، شهر رمضان هو في الواقع «شهر الله»، وإذا لم يصل الإنسان في «شهر الله» إلى لقاء الله، فهو لم...

موقع إسراء الرسميّ: قال آية الله العظمى الشيخ عبدالله الجوادي الآملي في كتاب «حكمة العبادات» القيّم بخصوص عظمة شهر رمضان المبارك: ما لم يخطوا الإنسان مقدمات عدّة، فلن يتمكن من بلوغ عظمة شهر رمضان المبارك، شهر رمضان هو في الواقع «شهر الله»، وإذا لم يصل الإنسان في «شهر الله» إلى لقاء الله، فهو لم يصل إلى باطن الصوم، بل صام على مستوى الطبيعة، ويكون الأجر الذي يناله في نفس المستوى؛ قال (صلّى الله عليه وآله وسلم): «إِنَّهُ قَدْ أَقْبَلَ إِلَيْكُمْ شَهْرُ اللهِ بِالْبَرَكَةِ وَالرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَة» [1] فاحرصوا على أنْ تستقبلوه واستعدوا لتدركوه بشكل صحيح.

لقد اعتبر سماحته شهر رمضان أنّه شهر البركة والرحمة والمغفرة، وقال: إنّ «البركة» خيرٌ دائم وباقي، وهذا الشهر هو مصحوب بالبركة والرحمة والمغفرة، والرحمة والمغفرة ليسا فقط مغفرة الذنوب، بل تلك  الدرجات العالية أيضاً قد سمّاها الله سبحانه وتعالى رحمة، وطبعاً الرحمة الخاصة هي مختصّة بالمؤمنين: ﴿إِنَّ رَحْمَةَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [2] وتحصيل هذا النوع من الرحمة سهل في شهر رمضان المبارك.

وقد أكّد سماحته على التخلّق بالأخلاق الإلهيّة في شهر رمضان المبارك، وقال: وقال (صلّى الله عليه وآله وسلم): «هُوَ شَهْرٌ دُعِيتُمْ فِيهِ إِلَى ضِيَافَةِ اللهِ» [3] فأنتم في هذا الشهر ضيوف الله سبحانه وتعالى، وعلى الضيف أنْ يفعل ما يفعله المضيف، والصائم هو ضيف الله الذي ﴿يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ﴾ [4]؛ فإذاً يمكن أنْ يكون الصائم أيضاً ﴿يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ﴾ [5]، وإذا كان الله سبحانه وتعالى يعطي ولا يأخذ، فعلى الإنسان أيضاً أنْ يجد في هذا الشهر نفسية لكي يعطي ولا يأخذ؛ لأنّه لا توجد يد أفضل من اليد المعطية، ولا توجد يد أسوأ من اليد الآخذة، والله سبحانه وتعالى يكره الروح الجشعة، ويقبل الروح الكريمة، وإذا سعى شخصٌ ما لكي يذهب الآخرون إلى الجنّة من على مائدته، فإنّ يده تكون يد كريمة، وإذا سعى أحدٌ ما للذهاب إلى الجنّة ببركة الآخرين، فيده تكون يد آخذة.

وتابع سماحته: وفي ضمن أدعية ليالي شهر رمضان المبارك، فإنّهم يوصون الإنسان بأنْ يكون لديه روح عالية وأنْ يسأل الله سبحانه وتعالى: «وَاجْعَلْنِي مِمَّنْ‏ تَنْتَصِرُ بِهِ‏ لِدِينِكَ وَلَا تَسْتَبْدِلْ بِي غَيْرِي‏‏» [6]؛ أي: إلهي إنّك تحفظ دينك وتحامي عنه ولا يمكن أنْ تتخلى عنه، فوفقني حتّى يحيى دينك بيدي، لا أنْ يحيي الآخرون دينك وأنا أجلس على مائدة الدين؛ دع الصلاة والصوم يحييا بيدي وبدمي حتّى يكون الآخرون ضيوفي، لا أنْ يقاتل الآخرون وتسيل دمائهم ويحيون الدين، وأنا أصلّي وأصوم [بفضل جهادهم وحفظهم للدين].

وقد أوصى آية الله العظمى الجوادي الآملي بطلب الكرامة في شهر رمضان المبارك، وقال: وقال (صلّى الله عليه وآله وسلم): [«وَجُعِلْتُمْ فِيهِ مِنْ أَهْلِ كَرَامَةِ الله» [7]؛ أي:‏] اطلبوا الكرامة في هذا الشهر؛ لأنّ الله سبحانه وتعالى لا يهدر شرف الإنسان الكريم ويحفظه دائماً، والكرامة هي وصف خاص للملائكة، وهم عباد مكرمون [8]، وأنتم مدعوون أيضاً إلى مائدة الكرامة، فاسعوا أنْ تكونوا كرماء؛ والكرامة هي النزاهة من الدناءة والذل، وكلّ أوامر الإسلام تعطي الإنسان روح الكرامة؛ لأنّها جاءت من عند الله سبحانه وتعالى.

وقد صرّح سماحته: أنّه إذا قضى الإنسان حياته للدنيا أكثر ممّا هو مطلوب للحفاظ على كرامته فقد تضرر وهو وبال عليه؛ فالإسلام من جهة يقول: لا تعلّق نفسك بالدنيا، ومن جهة أُخرى يقول: عِشْ كريماً، وكن صاحب انتاج من أجل كرامة المجتمع الإسلامي، واجتهد من أجل فخرك وفخر المجتمع الإسلامي، واجعل الآخرين يستفيدون من حاصل تعبك.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* المصدر: كتاب «حكمة العبادات» لسماحة آية الله العظمى الجوادي الآملي

[1] الحر العاملي، وسائل الشيعة (ط ـ آل البيت عليهم السلام): ج 10، ص 313، ح 13494.

[2] سورة الأعراف (7): الآیة 56.

[3] الحر العاملي، وسائل الشيعة (ط ـ آل البيت عليهم السلام): ج 10، ص 313، ح 13494.

[4] سورة الأنعام (6): الآیة 14.

[5] «قَالَ أَبُوعَبْدِاللهِ عليه السلام: اذْكُرِ اسْمَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى الطَّعَامِ، فَإِذَا فَرَغْتَ فَقُلِ: الْحَمْدُ لِلهِ الَّذِي‏ يُطْعِمُ‏ وَ لا يُطْعَمُ‏» (الكليني، الكافي «ط ـ الإسلامية»: ج 6، ص 294، ح 13).

[6] سيد ابن طاووس، إقبال الأعمال (ط: دار الکتب الإسلاميّة): ج 1، ص 178.

[7] الحر العاملي، وسائل الشيعة (ط ـ آل البيت عليهم السلام): ج 10، ص 313، ح 13494.

[8] ﴿بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ﴾ سورة الأنبیاء (21): الآیة 26ـ 27.

​​​​​​​


دیدگاه شما درباره این مطلب
أضف تعليقات