موقع إسراء الرسميّ: بمناسبة اليوم الثالث من شهر رجب، ذكرى استشهاد الإمام علي بن محمّد الهادي (صلوات الله وسلامه عليه) نستعرض مقتطفات من كلمات سماحة آية الله العظمى الشيخ عبدالله الجوادي الآملي والتي قد ركز فيها على أحاديث هذا الإمام الهمام علي بن محمّد النقي (سلام الله عليه).
قال آية الله العظمى الجوادي الآملي: قال [الإمام الهادي عليه السلام]: «الدُّنْیَا سُوقٌ رَبِحَ فِیهَا قَوْمٌ وَخَسِرَ آخَرُونَ» [1]؛ فبعض الناس يمنحون حياتهم ويأخذون شيئاً ممزوجاً بهذه الحياة في قبالها؛ عند ما أعلن الله سبحانه وتعالى انّي أشتري بثمن مزيد، فأبرموا الصفقة معي، السرّ في ذلك هو أنّ الله تعالى يعيد كلّاً من العوض والمعوّض إلى الإنسان؛ إذا أبرم أحدٌ ما صفقة مع غيره ـ أي: مع الشيطان ـ، فذلك الغير يأخذ كلّاً من العوض والمعوّض، أمّا إذا عقدنا الصفقة مع الله سبحانه وتعالى، فليس الأمر هكذا بأنْ يأخذ حياتنا ويعطينا في قبالها شيئاً، وعند ما قال سبحانه: ﴿إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ﴾ [2] لا يعني أنّه يأخذ حياتنا ويعطينا في قبالها الجنّة! [على فرض أنّه] أعطانا الجنّة، فماذا نفعل بها من دون حياة؟! فالله سبحانه وتعالى يعطينا الحياة والجنّة (أي: العوض والمعوّض) معاً.
وتابع سماحته: وبغض النظر عن المشاكل السياسيّة التي واجهها الإمام الهادي (سلام الله عليه)، كان هناك عبء ثقيل على كاهل الإمام العاشر والإمام الحادي عشر (سلام الله عليهما)؛ لقد كان الإمام الهادي والإمام العسكري (عليهما السلام) يريدا أنْ يعرّفا الناس، والأُمّة الإسلاميّة، والمجتمع القرآني بحقيقة جديدة وتهيئتهم لها، وهي أنّه ليقولوا لهم: إنّ هناك إماماً ثاني عشر لا يراه أحد، وله غيبة قصيرة، وله أيضاً غيبة طويلة لعلّها قد تستمر لآلاف السنين؛ لأنّ الهضم البشري آنذاك لم يكن مستعداً لإدراك هذا الأمر! ولكن الآن بلطف الله ومنّه، حيث أنّه قيل الكثير عن غيبة الإمام الثاني عشر (سلام الله عليه) فقد تمّ حلّها بالنسبة لنا، وإلّا في الآونة الأُولى، مَنْ كان يعلم أنّ أحداً سيأتي ويبقى في حجاب الغيبة لآلاف السنين! فكلّ جهود الإمام التاسع، والإمام العاشر، والإمام الحادي عشر (سلام الله عليهم) وسعيهم قد يتمّ تلخيصهما بهذا الشكل، وهو أنْ يهيّؤوا الناس لمجيء الإمام الثاني عشر (سلام الله عليه)، ولكي يعلموا أنّهم لن يروه، ولعلّ هذا الأمر قد يستمر قروناً! وكانت هذه المسألة عبئاً ثقيلاً على كاهل الإمام الهادي والإمام العسكري (سلام الله عليهما)، وقد أوصلا هذا العبء إلى المقصد.
وقد بيّن آية الله العظمى الجوادي الآملي مسألة الولاية والإمامة مستنداً إلى كلمات الإمام الهادي (سلام الله عليه) المستنيرة، وقال: إنّ القرآن الكريم وحده هو الذي يساوي ويعادل أهل البيت العصمة والطهارة (سلام الله عليهم)؛ وإنّ للقرآن تفسير، والعديد من المفسّرين قد نالوا هذه النعمة، لكن الولاية تحتاج أيضاً إلى تفسير؛ تلك الروايات والجمل القصيرة التي تصف الإمامة والولاية ضروريّة ولكنّها غير كافية، وقد فسّر الإمام العاشر الإمام علي بن محمّد الهادي (سلام الله عليه) الإمامة والولاية، وهذه الزيارة الجامعة الكبيرة المنوّرة هي بمنزلة تفسير الإمامة، بمعنى أنّه مثلما يحتاج القرآن إلى تفسير، فإنّ الإمامة أيضاً تحتاج إلى تفسير، وقد فسّر كلّ من الأئمّة (سلام الله عليهم) آية واحدة أو عدّة آيات من القرآن، لكن الإمام الهادي (سلام الله عليه) فسّر القرآن بأكمله؛ لأنّ القرآن والعترة عدلان متكافئان.
المصدر: درس أخلاق سماحة آية الله العظمى الشيخ عبدالله الجوادي الآملي وخطابه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] . ابن شعبة الحراني، تحف العقول، النص، ص 483.
[2] . سورة التوبة (9): الآية 111.