موقع إسراء الرسميّ: التقت مجموعة من أعضاء لجنة إحياء ذكرى اللواء الحاج قاسم سليماني بآية الله العظمى الجوادي الآملي وتحدّثوا معه أثناء حضورهم بيت سماحته.
بحسب تقرير مراسل موقع إسراء الرسميّ: قد أعرب آية الله العظمى الجوادي الآملي في لقاء مع أعضاء لجنة إحياء ذكرى اللواء الحاج قاسم سليماني عن تكريمه لذكرى الشهيد الحاج قاسم سليماني، وقال: ندعو الله سبحانه أنْ يحشر جميع الشهداء، ولا سيّما روح هذا الشهيد الطاهرة مع شهداء كربلاء، وأنْ يصون هذا البلد المتعلق بصاحب الزمان (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) من كلّ المخاطر إلى يوم ظهوره، لكي نتمكّن من تقديم هذا النظام لوليّه.
وواصل سماحته كلامه، وقال: هناك بعض النقاط التي ربّما نحن منتبهون لها، لكن لا معرفة لنا بها حقّ المعرفة؛ النقطة الأُولى هي أنّ الله سبحانه لا يمكن إنكاره، ولا يوجد ملحد لا يعرف الله؛ لأنّ الله عزّ وجلّ خلق هذا الجسد بالتوحيد، حيث قال: ﴿خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾ [سورة ص (38): الآية 75]؛ أي: لقد صنعتك بيدي اللا يد، فلذا لا يمكن إنكاره، والعلامة على ذلك أنّه عند ما يكون الإنسان على متن سفينة في بحر عاصف وهو في حال الغرق ولا يمكنه الوصول إلى أحد، فإنّ قلب الإنسان متوجّه نحو الله سبحانه، ولا يهمّ حينئذٍ فيما إذا كان قَبِل مبدأ التوحيد أم لا، فالله لا يُنكر ولا يُنسى.
وقال سماحته: يروي المرحوم الكيني حديثاً عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّ الله «عَارِفٌ بِالمَجهُولِ مَعرُوفٌ عِند كُلِّ جَاهِل» [الكلیني، الكافي (ط ـ الإسلاميّة): ج1، ص91، ح2]، والله عالم بكلّ شيء، ولا يوجد هناك أحد لا يعرف الله، لذلك كلّ منكر وشيوعي، هو عارف بالله ولكنّ الله موجود في باطنه، وعند ما يكون في ورطة يقول: الله! ليس الأمر هكذا بأنّه إذا أراد القلب أنْ يفكّر إلهيّاً، يكون لديه مشقّة، لا! بل يجب عليه أنْ يحذر حتّى لا يستقر على قلبه غبار، وإذا استقر الغبار فعليه أنْ يزيله بسرعة! الشهيد الحاج قاسم سليماني حافظ على هذه الفطرة، وإذا كان هناك غبار في الصفات البشريّة سرعان ما أزاله! «كن مرآة لتأخذك إلى الصديق» لماذا لا نصبح قاسم سليماني؟!
وذكر سماحته في النقطة الثانية: قال أميرالمؤمنين (علیه السلام): إنّ العبّاد ثلاثة: قوماً یعبدون الله خوفاً من جهنّم، وقوم یعبدون الله شوقاً للجنّة، وقوم یعبدون الله حبّاً له، وأنا من الفئة الثالثة [راجع: الحر العاملي، وسائل الشيعة (ط ـ آل البيت عليهم السلام): ج1، ص63، ح136] هذا الكلام المُنير ليس فقط للصلاة والصوم، بل الجهاد أيضاً كذلك؛ يقوم البعض بالجهاد لأنّه واجب شرعي، ويخشون أنّهم إذا لم يجاهدوا أنْ يخالفوا الشريعة وقد يتعرضون للعقاب، والبعض يجاهدون لكي ترفع درجاتهم في الجنّة، ولكنّ البعض الآخر يجاهد لله فقط، وكان الشهيد سليماني (رضوان الله تعالى عليه) من هذه الفئة الثالثة؛ وذلك الشهيد لم يکن يفكّر في الذهاب إلى الجنّة إطلاقاً رغم أنّهم يعطون الجنّة! «لا تكن عبداً کالمتسولين بشرط الأجر * فانّ الصديق هو يعرف كيف يجازي العبد»! وهذا مؤسف جدّاً بأنّه عند ما يذهب الإنسان إلى «الكريم» يکون لديه طلب، فإنّ الكريم هو بنفسه يفي بذلك! لقد فهم الشهيد سليماني أنّه لا ينبغي أنْ يقول عند الله «ما فعلته» و«ما لم أفعله»، فقد كان يعتبر كلّ أفعاله توفيقات إلهيّة!
وقال سماحته: النقطة الثالثة هي الكلام المُنير للإمام السجاد (عليه السلام) ودعائه في حقّ المجاهدين وأهل الثغور، حیث قال عليه السلام: [«اللهم صلّ على محمّد وآله، وأنسهم عند لقائهم العدو ذكر دنياهم الخداعة الغرور، وامح عن قلوبهم خطرات المال الفتون» «راجع: الصحيفة السجادية، الدعاء 27 (من دعائه عليه السلام لأهل الثغور)» أي:] اللهم وفّق المجاهدين والمقاتلين لکي لا يكون لديهم الرغبة في العودة بالصحّة والسلامة والعيش، وأنسهم ذکر الأهل والولد! لأنّ مَنْ يأتمن الله على أولاده فهو على يقين أنّ الله خير حافظ ولا داعي له للقلق؛ فالشهيد قاسم سليماني لم يکن يفكّر في خلف المعرکة، بل كان يرى أمامه «الدين»، و«القرآن»، و«أهل البيت»، و«النظام الجمهوري الإسلامي»، و«إيران»؛ وإيران الذي کان يراه أمامه يختلف تماماً عن إيران الذي تركه الآخرون في البيت وغادروا! الأمر مختلف جدّاً! في بعض الأحيان هناك مَنْ يقول: يا ليت الحرب تنتهي عاجلاً حتّى أتمكّن من العودة إلى مدينتي، وهناك فئة أُخرى تقول: إلهي إنّي جئت لكي أحفظ دينك لا أنْ أعود بسلام! كان تلميذ هذه المدرسة قاسم سليماني الذي كان يفكّر في الحفاظ على الدين، والوطن، والبلد، والعرض والشرف، والماء، والأرض.
وتابع سماحته: هذا الطريق مفتوح لنا جميعاً، ورغم أنّ كلّ ما يتعلّق بأهل بيت العصمة والطهارة (عليهم السلام) فإنّا لا ندركه حتّى نتمنّاه، لكن هناك موارد وصل إليها هؤلاء الأعاظم، فهناك طريق وهناك أُناس ساروا على هذا الطريق، وحتّى الآن هناك مَنْ يسلك طريق الشهيد سليماني، فلماذا لا نسير نحن على هذا الطريق؟
وقال آية الله العظمى الجوادي الآملي في ختام کلامه: وفّقنا الله لتسليم هذا النظام لصاحبه الأصلي، وهذا أمر حتمي ومؤكّد، لماذا لا يكن هذا الأمر بأيدينا؟! نحن لا نشعر بخيبة أمل، لكن علينا أنْ نوقظ أنفسنا، وأنْ لا ننحرف ولا نسدّ طريق أحد!