قال الأُستاذ مرتضى الجوادي الآملي: نحن بحاجة إلى الفلسفة في معارفنا، وفي فهم المعارف التوحيديّة والحقائق الإلهيّة نحن بأمسّ الحاجة إلى المسائل الفلسفيّة، ونحن لا نريد دراسة الفلسفة من أجل الفلسفة، لا! نحن، خاصّة الحوزويين، نسعى إلى فهم معارف القرآن، وبدون معارف فلسفيّة وحكميّة، لن نفهم مثل هذه الآيات أبداً...
بفضل جهود مؤسسة إسراء للتعلیم العالي الحوزويّ بقم المقدّسة، عُقدت الجلسة الثالثة من سلسلة الإجتماعات العلميّة حول النسبة بين الفلسفة والتفسير، يوم الاثنين 21 نوفمبر (26 ربيع الثاني)، في مؤسسة إسراء الدوليّة للعلوم الوحيانيّة.
تمّ عقد هذا الإجتماع بفضل جهود «مركز إسراء التخصصي للفلسفة الإسلاميّة ـ السطح الثالث» و«مركز إسراء التخصصي للتفسير وعلوم القرآن ـ السطح الثالث» و«مركز التفسير الموضوعي فرع التفسير الإعتقادي ـ السطح الرابع» ومحاضرة حجة الإسلام والمسلمين الأُستاذ مرتضى الجوادي الآملي.
وقد ناقش حجة الإسلام والمسلمين الشيخ مرتضى الجوادي الآملي في هذا الإجتماع موضوع «الأنطولوجيا الفلسفيّة وفهم القرآن»، وقال: يحتل يوم الفلسفة العالمي مكانة خاصّة ومميّزة لإيراننا العزيزة بتاريخها في هذا الصدد. كانت إيران قاعدة للفلسفة والعرفان، ومن موقع الفلسفة والعرفان خلقت أحداثاً عظيمة وبنت كرامتها الحضارية على أساس الفلسفة والعرفان، ولا يزال هذا البلد العزيز معروفاً بتجلّي الحكمة والفلسفة والعرفان، وستستمرون أنتم في هذا الطريق وتصبحون حاملي لواء هذه الحقيقة، إنْ شاء الله.
وقال سماحته: بالرغم من أنّ القرآن كتاب ناجح في شرح وتفهيم مضامينه للعرف وعموم المجتمع، إلّا أنّه كتاب علميّ بالکامل وقد نقل مضامينه ومعارفه إلى المجتمع وأبلغها، ولكن تحتاج تلك الحقائق والمعارف في وصولها إلى المجتمع في أعلى المستويات والمراتب، إلى تبيين وتفسير، کما تشير إليه الآية الکريمة: ﴿لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ [النحل (16) / 44] وأساساً هذا هو موقع التفسير الذي يوفّر فهماً عرفيّاً عامّاً للمجتمع في ضوء هذا الکتاب المضيء، ولكن هناك الكثير من المعارف والحقائق والمظاهر المتمايزة التي تتجاوز فهم عامّة الناس والخبراء والباحثين، ولذا قال تعالى: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾ [محمّد (47) / 24] هذا التشجيع والتحريض على التدبّر والتفقّه في الآيات الإلهيّة وفهمها بصورة جيّدة، مذکور في نص القرآن.
قال الأُستاذ: يجب أنْ نعلم أنّه بينما نقل القرآن عموماً الفهم العرفي المتعارف للمجتمع، ولكن إذا أراد أنْ ينقل فهمه العميق المتعلق بالمعارف والحقائق ـ بالأخص المعارف والحقائق التوحيديّة ـ للمجتمع، وبغض النظر عن الأئمّة المعصومين عليهم السلام الذين هم على رأس هؤلاء العلماء الإلهيّين، فيجب على ورثتهم في العلم أيضاً تقديم التبيين والتفسير الصحيح.
وذكر حجة الإسلام والمسلمين الشيخ مرتضى الجوادي الآملي في جزء آخر من کلامه: انّ لدينا علم يسمى الفلسفة، وعلم الفلسفة في الواقع مهمّته الأنطولوجيا؛ ما الأشياء الموجودة في نظام الوجود ولها حقيقة؟ وما الأُمور التي ليست في نظام الوجود وهي خياليّة ونحن نعتقد بأنّها حقيقيّة؟! ما هي قوانين الوجود؟ ما هي أنواع الوجود العامّة؟ هذه المسائل کلّها في علم الفلسفة.
وتابع سماحته: أريد أنْ أتحدّث عن آخر الإنجازات الفلسفيّة، أريد أنْ أقول: إنّه بناءً على هذه الإنجازات، يمكننا أنْ نجلب هذا النوع من الفهم القرآني إلى المجتمع. من ناحية أُخرى، نذكر سلسلة من الآيات التي ليس لها فهم عرفي إطلاقاً، ولا يمكن لأحد أنْ يكون له رأي عرفي (وکذلك علميّ) حول هذه الآيات، إلّا إذا كان على دراية بهذه المباني والمبادئ.
قال الأُستاذ مرتضى الجوادي الآملي: نحن بحاجة إلى الفلسفة في معارفنا، وفي فهم المعارف التوحيديّة والحقائق الإلهيّة نحن بأمسّ الحاجة إلى المسائل الفلسفيّة، ونحن لا نريد دراسة الفلسفة من أجل الفلسفة، لا! نحن، خاصّة الحوزويين، نسعى إلى فهم معارف القرآن، وبدون معارف فلسفيّة وحكميّة، لن نفهم مثل هذه الآيات أبداً. لاحظوا التفاسير وانظروا ما هي الأقوال التي تذکر حول آية ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ﴾ [القصص (28) / 88] وليس لأيّ منها أساس علميّ!