كأس المعرفة؛ مأخوذ من سلسلة كلمات سماحة آية الله العظمى الجوادي الآملي (حفظه الله)
نور الرحمة
قال سبحانه وتعالى: ﴿فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾ [1]؛ أي: أنّنا نفصّل كلّ أمر مُتقَن ومغلق في # ليلة القدر ونفرّقه، بحيث تصبح [هذه الليلة] ليلة القَدْر والقَدَر، لا ليلة القضاء؛ فالقضاء نظير: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ﴾ [2] هو أصلٌ كلّي، ولكن مَنْ سيصل إلى أيّ حالةٍ، في أيّ لحظةٍ، يصير هذا قَدَراً، وهو ﴿كُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ﴾ [3]، أو ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾ [4].
ليلة القَدْر هي ليلة القَدَر، لا ليلة القضاء، ولهذا قال: في تلك الليلة التي ﴿فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾، وفي تلك «الليلة المباركة»، أنزلنا هذا القرآن الذي نزلت فيه المقدّرات بهذا الأُسلوب.
[ثمّ قال تعالى:] ﴿أَمْراً مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ * رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ﴾ [5]؛ أي: في الواقع لقد فعلنا كلّ هذه الأشياء من أجل # الرحمة؛ فمن جانبنا هي # رحمة، ونحن لا نرسل غضباً، ولكن ما تنالوه أنتم على نحوين؛ فما هو من جانب الله سبحانه وتعالى هو رحمة، مثل النسيم التي يهب، أو الشمس التي تشرق، فالنسيم الذي يأتي هو رحمة، فإذا هبّ على البستان ينبعث منه رائحة طيّبة، وإذا هبّ على «الكنيف» ينبعث منه رائحة كريهة؛ أو النور الذي يأتي هو رحمة، إذا أضاء هذا النور في مكان سيّء سيظهر منه منظر قبيح، وإذا أضاء في مكان جيّد ورائع سيظهر منه منظر جميل؛ قال سبحانه وتعالى: ما يأتي منّا هو رحمة: ﴿رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [6]؛ ونحن فعلنا هذا الشيء، فكلّ ما تقولوه نسمعه، وكلّ ما تفعلوه نعلم به.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] سورة الدخان (44): الآية 4.
[2] سورة آل عمران (3): الآية 185.
[3] سورة الرعد (13): الآية 8.
[4] سورة القمر (54): الآية 49.
[5] سورة الدخان (44): الآية 5 ـ 6.
[6] سورة الدخان (44): الآية 6.
# آية الله العظمى الشيخ عبدالله الجوادي الآملي
# كأس المعرفة
# مقطع صوتي
# الضيافة الإلهيّة
# تفسير سورة الدخان المباركة، الجلسة الثانية
# التاريخ: 11 / 11 / 1394 هـ ش
https://esra.ir
@a_javadiamoli_esra